هناك قاعدة عقلية تقول أن لزوم عدم الشيء من ثبوته موجب لبطلانه في نفسه،
مثلا:
الطاقة لا تفنى ولا تستحدث، هو إطلاق فلما تقيد هذا المطلق بقولك: الا بإذن الله صارت الجملة معناها: الطاقة تفنى وتستحدث.
فصار إثبات صحة كلامك يلزم منه إثبات بطلانه.
إذا أطلقت القاعدة كان معنى كلامك لزوما: الطاقة أزلية، وبالإصطلاح الفلسفي: قديمة.
وما جاز قدمه امتنع عدمه وما جاز عدمه امتنع قدمه.
لا يصح الاستدلال بكون الطاقة والمادة شيئين فالتعريف العامي للمادية ليس معولا، فبكون الطاقة محسوسة أو مدركة من خلال محسوس فهي مادية من هذا الباب، لذلك لزم من إثبات قانون حفظ الطاقة قدم العالم عينا، ولكن قد يعترض بقولهم:
ليس عين العالم قديم لكن فقط هذا الجزء.
وهذا باطل إذ أن جواز حدوث شيء من العالم يساوي إمكان حدوث كل ما سواه فلم التخصيص؟
وان جاز أن عين الطاقة قديم فلم لا يجوز أن عين المادة كذلك؟
السؤال هو ما الذي أوجب هذا التخصيص؟
ثم إذا كان الله خلق شيء بعد شيء فهذا يعني تعاقب مفعولاته وعدم تعاقب المفعولات مستحيل لذاته فوجب أن يكون كل شيء سوى الله حدث في حال وفي زمن وهذا مناقض لإمكان وجود شيء قديم غير الله.
ولهذا نقول قدرة الله تتعلق بالممكن وليس المستحيل لذاته هو المستحيل شعبويا.
ثم كون الشيء قديما يستلزم علة تامة العلة هي السبب وكونها تامة يعني عدم انفكاكها عن معلولها أي نتيجتها ولما كان الله عز وجل يفعل بالتعاقب إمتنع أن يكون غيره قديما معه إذ أن فعله وأحوال الفعل وشروطه سبقت هذا الإيجاب وانتقض به الاقتران التام للعلة.
ثم إذا قيل هذه الطاقة أو المادة قديمة بذاتها يعني علة قدمها في ذاتها فالعالم قديم ولم يتعاقب شيء فيه واذا كان هناك علة موجبة لهذا القدم كان الحدوث ممتنع والحوادث مشهودة فعلم خطأ هذا بالاضطرار وإذا قيل هو حادث بمشيئة الله لا يفنى ولا يستحدث إلا في إطار “العالم” فقد امتنعت العلة الموجبة لقدمه من جديد إذا لا موجب ذاتي لذلك مع إمتناع حصول قدمه من الله.
اترك تعليقاً